بعد عقود من الغموض، العلم يقترب من كشف أسرار الأعماق، من مثلث برمودا إلى بحر الشمال، حيث تكشف التكنولوجيا الحديثة عن حقائق طال انتظارها حول حوادث واختفاءات حيرت العالم.

بعد عقود من الغموض، العلم يقترب من كشف أسرار الأعماق، من مثلث برمودا إلى بحر الشمال، حيث تكشف التكنولوجيا الحديثة عن حقائق طال انتظارها حول حوادث واختفاءات حيرت العالم.

لغز مثلث برمودا.. تحقيق جديد يفتح ملف “الرحلة 19”

لا تزال منطقة “مثلث برمودا” شمال المحيط الأطلسي، والتي تمتد بين سواحل فلوريدا وبورتوريكو وجزيرة برمودا، تثير حيرة العلماء والباحثين. هذه المنطقة، التي تعادل مساحتها ولاية ألاسكا تقريبًا، ارتبط اسمها بحوادث اختفاء غامضة لأكثر من 325 طائرة و1200 سفينة منذ عام 1930.

أحد أبرز هذه الحوادث هو اختفاء “الرحلة 19” في عام 1945، حيث فُقد الاتصال بخمس قاذفات طوربيد تابعة للبحرية الأمريكية من طراز “TBM Avenger” أثناء مهمة تدريبية انطلقت من فلوريدا. لم يختفِ الطيارون الأربعة عشر فقط، بل تبعهم اختفاء طاقم طائرة إنقاذ “PBM Mariner” المكون من 13 فردًا، والتي أُرسلت للبحث عنهم.

بعد 76 عامًا، يقترب تحقيق جديد من فك شفرة هذا اللغز. ضمن سلسلة وثائقية بعنوان “أكبر أسرار التاريخ”، من المقرر عرض نتائج بعثة علمية استمرت لمدة عام كامل. المستكشف البحري مايك بارنيت، الذي شارك في البعثة، أعلن عن العثور على حطام طائرة في المنطقة، لكنه دعا إلى التريث. فعلى الرغم من أن بعض بقايا الحطام تتشابه مع مكونات القاذفات المفقودة، إلا أن السجلات التاريخية تشير إلى أن مئات الطائرات الأخرى قد فُقدت قبالة سواحل فلوريدا، مما يجعل تحديد هوية الحطام أمرًا معقدًا ويُبقي الغموض قائمًا حتى الآن.

حفرة سيلفربيت.. نهاية جدل علمي استمر 20 عامًا

بينما يستمر الغموض حول مثلث برمودا، تمكن العلماء مؤخرًا من حسم لغز آخر في أعماق البحار. فعلى مدار أكثر من 20 عامًا، أثارت “حفرة سيلفربيت”، الواقعة تحت قاع بحر الشمال على بعد حوالي 80 ميلًا قبالة سواحل يوركشاير، جدلاً علميًا واسعًا. انقسم العلماء بين فرضيتين: الأولى تقول إنها تكونت نتيجة اصطدام كويكب، بينما رجحت الثانية أنها ناتجة عن عوامل جيولوجية بطيئة مثل تحرك الرواسب الملحية.

حُسم هذا الجدل بفضل التقنيات الحديثة. ففي عام 2022، أتاحت عمليات مسح زلزالي ثلاثية الأبعاد وعالية الدقة صورًا غير مسبوقة للحفرة التي يبلغ قطرها 3.2 كيلومتر وتقع على عمق 700 متر تحت قاع المحيط. كشفت الصور عن سمات لا يمكن تفسيرها إلا بحدوث اصطدام عنيف، مثل وجود قمة مركزية، ومناطق صدع متحدة المركز تمتد لمسافة 18 كيلومترًا، بل وعشرات الحفر الثانوية الصغيرة التي تشكلت نتيجة تساقط الصخور المقذوفة من الاصطدام الأصلي، وهي سمة نادرة على الأرض بسبب عوامل التعرية.

كان الدليل القاطع هو “الدليل الدامغ” الذي عثر عليه فريق البحث بقيادة الدكتور أويسدين نيكولسون من جامعة هيريوت وات في إدنبرة. فمن خلال تحليل عينات من بئر نفط قريب، وجد العلماء حبيبات كوارتز وفلدسبار تحتوي على تشوهات بنيوية مجهرية لا يمكن أن تتشكل إلا تحت ضغط هائل يتراوح بين 10 و13 جيجا باسكال، وهو ضغط لا يتولد إلا عند اصطدام كويكب. وبهذا الاكتشاف، أُسدل الستار على الجدل، وتأكد أن حفرة سيلفربيت هي بالفعل أثر لاصطدام كويكب كارثي حدث قبل حوالي 43 إلى 46 مليون سنة، مما يجعلها واحدة من 33 حفرة اصطدام معروفة فقط تحت محيطات العالم.