شهدت أسواق الذهب في مصر موجة جديدة من الارتفاع، مدفوعة باستمرار تقلبات أسعار الصرف وارتفاع الدولار مقابل الجنيه، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تسيطر على الأسواق العالمية نتيجة السياسات النقدية غير الواضحة من جانب الفيدرالي الأمريكي. وقد أسهمت هذه العوامل مجتمعة في دفع أسعار المعدن الأصفر نحو مستويات غير مسبوقة، أثارت اهتمام التجار والمستهلكين على حد سواء.
في هذا السياق، سجل سعر الجنيه الذهب قفزة كبيرة ليبلغ نحو 12800 جنيه، وهو مستوى يعتبر الأعلى في تاريخ تداول الذهب المحلي. ويأتي هذا الارتفاع انعكاسًا مباشرًا لتأثر السوق الداخلية بالتغيرات المستمرة في سعر الدولار، الذي يعد من أهم المحددات الرئيسية لتسعير الذهب داخل مصر، فضلًا عن تحرك السعر العالمي في اتجاهات غير مستقرة.
أما سعر جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا بين المصريين ويُستخدم كمؤشر رئيسي لحالة السوق، فقد وصل إلى نحو 1600 جنيه، في حين يراقب خبراء المشغولات الذهبية الوضع عن كثب، وسط توقعات بمزيد من التغيرات في الأسعار خلال الفترة المقبلة، خاصة في حال استمرار الاضطرابات النقدية العالمية والمحلية.
وعلى صعيد الأعيرة الأخرى، فقد جاء سعر الذهب عيار 24، والذي يُعتبر الأعلى من حيث النقاء، عند نحو 1829 جنيهًا للجرام، ويستهدف عادة المستثمرين في الذهب الخام ومحبي الادخار الآمن.
أما الذهب عيار 18، المستخدم في تصنيع العديد من الحُلي والمجوهرات العصرية، فقد بلغ سعر الجرام منه حوالي 1371 جنيهًا، بينما استقر الذهب عيار 14، الأقل استخدامًا في السوق المصري، عند مستويات أقل من ذلك نسبيًا، ويُستخدم غالبًا في المنتجات الذهبية خفيفة الوزن ذات الأسعار المتوسطة.
ويُرجع محللون اقتصاديون هذا التصاعد المستمر في أسعار الذهب إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها استمرار ضعف العملة المحلية، وتزايد الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في ظل ارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن محدودية المعروض من الذهب في السوق المحلية، نتيجة انخفاض حجم الواردات من المعدن النفيس.
من جانبهم، يعكف بعض تجار الذهب على ترقب قرارات جديدة قد تصدر من الجهات المسؤولة بهدف ضبط السوق، سواء من حيث تنظيم عمليات الاستيراد أو فرض رسوم جمركية جديدة، ما قد يؤثر على المعروض والأسعار في المستقبل القريب.
الجدير بالذكر أن العديد من المواطنين اتجهوا مؤخرًا إلى الاستثمار في الذهب باعتباره أداة لحفظ القيمة، في ظل التآكل المستمر لقوة الجنيه الشرائية، وهو ما زاد من الزخم في حركة البيع والشراء داخل محلات الصاغة، خصوصًا مع قرب مواسم المناسبات الاجتماعية التي تشهد عادة زيادة في الطلب على المشغولات الذهبية.
في ظل هذا المشهد، يتوقع الخبراء أن تظل أسعار الذهب في حالة من التذبذب خلال الفترة المقبلة، مرتبطة بشكل وثيق بأداء الدولار محليًا وعالميًا، وكذلك بمستجدات السياسة النقدية الدولية، مما يجعل المتابعة المستمرة للأسواق أمرًا ضروريًا لكل من المستثمرين والمستهلكين.